أكد على ضرورة رعاية الموهوبين من الأسرة والمجتمع
السلمي لـ مدين : الموهبة مرت بأربع مراحل متداخلة، وليس شرطاً توفر كل السمات في الموهوبين.

01 جمادى الثانية 1439 الموافق 2018.02.17
مدين - أحمد العطوي
بيّن الدكتور/ مازن بن عطية السلمي الأستاذ المساعد بالكلية الجامعية بحقل، بأن الموهبة مرت بأربع مراحل متداخلة، مؤكدًا بأن السمات التي يمتاز بها الموهوبون ليس بالضرورة أن تتوفر في الموهوب مجتمعة.
والدكتور السلمي الذي يعد إضافة إلى تخصصه العلمي صاحب تجربة علمية وعملية في مجال الموهبة والإبداع،  فهو  حاصل على درجة الدبلوم العالي في الموهبة والتفوق العقلي، إضافة إلى عمله السابق في إدارة الموهوبين بتعليم جدة قبل انتقاله للعمل في جامعة تبوك.

"مدين" قامت بإجراء هذا الحوار مع صاحب هذه التجربة العلمية، وخرجت بهذه المحصلة:


- من هو الموهوب، وهل هنالك تعريف أو مفهوم علمي للموهوبين ؟

- مر التطور التاريخي لمفهوم الموهبة بأربع مراحل متداخلة إلى حد ما، ولكنها لا تزال تلقي بظلالها على الاتجاهات السائدة في الدوائر الأكاديمية ولدى العامة.
المرحلة الأولى، وفيها ارتبطت الموهبة والتفوق فيها بالعبقرية، وذلك كقدرة فائقة توجهها قوة خارقة توجه الشخص الحكيم أو العبقري. والمرحلة الثانية، وارتبطت بالأداء المتميز في ميدان أو آخر من الميادين التي اهتمت بها الحضارات، كالفروسية والشعر والخطابة وغيرها. والمرحلة الثالثة، وارتبطت الموهبة والتفوق فيها بالذكاء، وذلك كما تقيسها الاختبارات الفردية، مثل اختبارات (ستانفورد- بينيه)، واختبار (وكسلر)، والتي ظهرت في مطلع القرن العشرين. والمرحلة الرابعة، وهي مرحلة اتساع مفهوم الموهبة والتفوق ليشمل الأداء المتميز (المرحلة الثانية)، والاستعداد والقدرة على الأداء العقلي المتميز(المرحلة الثالثة) في المجالات العقلية والأكاديمية والفنية والإبداعية والقيادية والنفسحركية.
وقد تبلور هذا الاتجاه خلال الثلث الأخير من القرن العشرين، إذ يعد أكثر قبولاً لدى الباحثين والمربين، وقد أدى التطور لمفهوم الموهبة إلى استحالة وجود تعريف عام لمفهوم الموهبة، ولكن يمكن تصنيف التعريفات الواردة على أساس الخلفية النظرية أو السمة البارزة، حيث يمكن إيجاد تعريف حسب أهداف وتوجهات المؤسسات والهيئات المعنية بالكشف عن الموهوبين ورعايتهم.
فتعريف الموهوبين المعتمد في المملكة العربية السعودية حسب مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية هم: (الأفراد الذين لديهم استعدادات , وقدرات غير عادية , أو أداء متميز عن بقية أقرانهم في مجال أو أكثر من المجالات التفوق العقلي , والتفكير الابتكاري, والتحصيل العلمي ، والمهارات والقدرات الخاصة, ويحتاجون إلى رعاية تعليمية خاصة لا تتوافر لهم بشكل متكامل في برامج الدراسة العادية).

- ما هي أهم سمات وخصائص الموهوبين ؟

- هنالك مجموعة من السمات والخصائص يتميز بها الموهوبين عن أقرانهم، ولكن ليس من الضروري توفر كل هذه الصفات في الموهوبين، ولعل من أبرز هذه السمات والخصائص:
أولاً : الخصائص العقلية، وهي القدرة على الفهم والتعلم بسرعة ، ودقة الملاحظة ، والنقد البناء ، وحسن التصرف، وإيجاد الحلول الجيدة ، وإدراك التفاصيل ، والقدرة على التنبؤ الماهر، كما أن لديه القدرة على أن يسأل أسئلة سابرة، مثل: كيف؟ لماذا؟ لو أن ، وكذلك حب القراءة لكتب متقدمة عن سنه .
ثانياً: الخصائص الإبداعية، وتشمل: مهارات الطلاقة والأصالة والمرونة في الأفكار، و الخروج عن المألوف .
ثالثاً: الخصائص النفسية، وهي وجود الدافعية المرتفعة ، والإنجاز، والمثابرة ، كما أنه لا يحب الرتابة، ولديه حس المبادرة، إضافة إلى المرح والدعابة، وكذلك حب الاطلاع .
رابعاً: الخصائص الاجتماعية، وهي القيادية، والتعاون، والتسامح .
خامساً: الخصائص الجسمية والحركية، وهي اعتدل القوام، وصحة البدن، وكثرة الحركة الهادفة تحديداً.


- ما هي أهم طرق الكشف والتعرف على الموهوبين ؟

- هناك عدة طرق للتعرف على الموهوبين، ولكن هنالك قاعدة مهمة في الكشف وهي تنص على : (مجال الموهبة يحدد نوع الكشف ونوع الرعاية)، فالموهوب في مجال الأدب مثلاً يجب أن يكون مقياس الكشف في نفس مجال موهبة الأدب، فلو تعرض هذا الموهوب لمقياس آخر لأصبح الكشف غير صادق للكشف عن نفس مجال الموهبة .
وكلما تعددت محددات الكشف كان الحكم على وجود الموهبة أفضل، كما تشير الكثير من الدراسات إلى أن نسبة الموهبة تقريبا تشكل 3% من المجتمع، وهذه النسبة يجب أخذها بعين الاعتبار في أهمية الكشف عن الموهوبين ورعايتهم، حيث إن كثيراً من أصحاب الموهبة لا يدركون أنهم موهوبون.
ومن أهم الطرق والأساليب المتبعة في الكشف عن الموهوبين:
أولاً: تقديرات المعلمين، فالمعلمون هم أكثر الناس التصاقاً بالتلاميذ ومعايشة لهم في المدرسة .
ثانياً: التحصيل الدراسي، فهو يعبر عن المستوى العقلي الوظيفي للفرد، كما يعد التحصيل في الماضي والحاضر من بين أكثر الوسائل صدقاً في التنبؤ عن التحصيل في المستقبل .
ثالثاً: اختبارات الذكاء، اختبار الذكاء الفردي، (ستانفورد – بينيه) وكذلك اختبار (ويكسلر) لذكاء الأطفال (لفظي – عملي) وهو المفضل للكشف عن الموهوبين، وكذلك اختبار الذكاء الجمعي .
رابعاً: اختبارات الابداع، مثل مقياس (تورانس) للتفكير الابداعي، والذي يقيس كلاً من: (الأصالة – الطلاقة – المرونة – التفاصيل).
خامساً: مقياس القدرات العقلية، ويقيس القدرات اللغوية والعددية والمكانية والاستدلالية.
وهذا المقياس يعمل به في الكشف عن الطلاب الموهوبين الآن في المملكة، وذلك لطلاب الصف الثالث والسادس والثالث متوسط من قبل برنامج قياس وموهبة لطلاب التعليم العام .

- بعد عملية الكشف عن الموهوبين، ماهي أهم أساليب رعايتهم ؟

- من الضروري الاهتمام بما يكون بعد عملية الكشف عن هؤلاء الموهوبين، وهي مرحلة رعايتهم، والتي تعتبر المرحلة الأهم، وهناك عدة أساليب لرعاية الموهوبين، من أهمها:
أولاً: الإسراع، أو (التسريع) في تعليم البرامج العادية، وذلك بتعديل نظام القبول وإجراءات الترفيع، كي يتم للطالب إنهاء سنوات الدراسة في زمن أقصر من أقرانه.
ومن أساليب الإسراع :
• الالتحاق بالمدرسة في سن مبكرة: (النمو الذهني يسبق العمر الزمني).
• القفز على الصفوف: (ترفيعه مثلاً من الصف الرابع إلى الصف السادس).
• الترفيع أثناء السنة الدراسية: (ترفيعه في أي وقت من السنة دون التقيد بنهاية العام الدراسي).
• دراسة مقررات متقدمة لبعض الوقت: (دراسة مقررات متقدمة على صفه الحالي، الثالث إعدادي مثلاً من الصف الأول الثانوي).

ثانياً: إثراء البرامج، ونعني به إضافة وحدات تعليمية إلى مناهج التعليم العادية، مضافاً إليها موضوعات لتوسيع معلوماتهم وتعميق خبراتهم، مثل: (مهارات الحاسب الآلي – مهارات لغوية – مبادئ الابتكار – مهارات التفكير – مهارات الاتصال).
ثالثاً: التجميع، ويكون إما تجميعاً جزئياً (فصل دراسي)، أو كلياً في مدرسة خاصة بهم، ويتم من خلال تكثيف البرامج والمحتوي العلمي الدراسي لصقل مواهبهم وقدراتهم.



- هل للعامل النفسي أهمية بالنسبة للموهوبين ؟ وما هو دور الجانب الأسري في رعاية الموهوبين ؟

- يعتقد الكثير أن الموهوبين بقدراتهم الفائقة لا يحتاجون إلى الرعاية النفسية، وأن الرعاية تقتصر على المتعثرين دراسياً، إلا أن كثيراً من الدراسات تشير إلى أهمية الرعاية النفسية للموهوبين، ولعل من أهمها جوانب الرعاية:
• إشباع الحاجة إلى الحب والتقدير .
• الشعور بالأمن والتقبل الاجتماعي .
• إشباع الميول والرغبات الجسمية والروحية، وذلك وفق الشريعة الإسلامية، والتي تنعكس على الصحة النفسية للموهوب .
• بذل كل الإمكانات وتذليل الصعاب مع بيئته ومجتمعه .
• مساعدته على التكيف مع نفسه، ومساعدته على اتخاذ القرار وخصوصاً مستقبله العلمي والمهني .
• استخدام طرق الإرشاد الفردية والجماعية لحل بعض المشكلات التي قد يتعرض لها الموهوب.

ويأتي دور الرعاية الأسرية للموهوبين مكملاً للرعاية النفسية، ومن أهم أساليب الرعاية الأسرية للموهوبين:
• التربية الإيمانية في تفادي المشكلات، مثل: (حالات اليأس، والقنوط، والكآبة، والهواجس، والقلق، ونحو ذلك).
• تشجيعه على التفكير وإبداء الرأي، ومن صور ذلك: ( التفكير الناقد، والتفكير الابداعي، والمشورة، والقدرة على التعبير، وإيجاد الحلول، ونحو ذلك).
• الحذر من الإفراط في مدح موهبته، أو ذمها أيضاً.
• تنمية الاتجاه الصحيح لتقدير مواهب الآخرين وميولهم .
• غرس الثقة بالنفس عند الإخفاق، وتشجيعه على إعادة المحاولة والتقدم .
• توفير الإمكانات المادية، وإلحاقه بالبرامج العلمية والثقافية التي تزيد من صقل موهبته .
• التعاون مع بيئة المدرسة، مثل: ( متابعته مع إدارة المدرسة، والمرشد الطلابي، والأنشطة الطلابية، والتواصل مع المعلم).
• حضور الآباء للندوات، ودورات رعاية الموهوبين.

- من وجهة نظرك كأكاديمي في جامعة تبوك، ما هو دور مؤسسات التعليم العالي كالجامعات والكليات التقنية وغيرها في رعاية الموهوبين والمبدعين ؟

- لا يقل دور الجامعات والمؤسسات الأخرى في التعليم العالي في رعاية الموهوبين عن التعليم العام، بل يعد دوراً هاماً ومكملاً، حيث تعد هذه المرحلة مرحلة استثمار الموهبة، والذي يعد أحد توجهات رؤية 2030 للمملكة، والذي يعد أيضاً أحد توجهات جامعة تبوك، وذلك باكتشاف الموهوبين من الطلبة، ورعايتهم وصقل مواهبهم، وتنمية قدراتهم، وتهيئة جيل متميز، وذلك بتطوير منظومة متكاملة أكاديمية لرعاية وبناء الموهوبين والمبدعين, والمتمثل في مركز الموهبة والإبداع بالجامعة .
ومن وجهة نظري؛ فإن دور الجامعة يتمثل في تحقيق عدة أهداف، من أهمها:
• العمل على نشر ثقافة الاهتمام بالموهبة والإبداع والتميز بالجامعة والمجتمع .
• استقطاب الموهوبين والمبدعين من التعليم العام وإتاحة القبول لهم في الجامعة .
• اكتشاف ورعاية الطلبة الموهوبين والمبدعين خلال المرحلة الجامعية.
• إعداد الطلبة للمشاركة في المسابقات المحلية والدولية .
• توفير الاستشارات العلمية اللازمة للمبدعين والموهوبين.
• تدريب الكوادر الأكاديمية والإدارية في مجال الموهبة والإبداع.
• تأصيل مبدأ التعاون والشراكة مع الجهات ذات العلاقة داخلياً وخارجياً.
• المشاركة في إقامة وتنظيم وحضور المعارض والمؤتمرات والندوات والدورات في مجال الموهبة والإبداع .
التعليقات
اضف تعليقك
الاسم
البريد الالكتروني
التعليق