14 شعبان 1439 الموافق 2018.04.30
تحدثنا في المقال السابق عن ضرورة وجود بدائل تعليمية وأكاديمية تستوعب التحديات التي قد تواجهنا في المستقبل القريب والبعيد على المستوى التعليمي والمجتمعي والتنموي واقترحنا أنماطا من التعليم تسهم في التنمية المجتمعية وتحافظ على جودة التعليم وأيضا على ريادة التعليم في قيادة المجتمع نحو التغيير والتقدم.
هذه الإقتراحات يقابلها مجابهة ثقافية كبيرة قبل أن تكون سياسية أو تعليمية حيث فكرة العمل اليدوي والمهني في المجتمع تحتاج الى نظرة مختلفة في إطار تغيير ثقافي يؤمن بالعمل اليدوي والمهني وأنه مستقبل الامة الذي ينتج ويحقق الإكتفاء الذاتي من العمالة الوطنية المؤهلة على مسار مواز للجهود الحكومية للقضاء على البطالة بجميع أنواعها.
فالتغيير الثقافي في مجتمع ناتج من مساريين: الأول هو الحاجة إلى توطين وتحديث أفكار جديدة من شأنها تيسير حياة الإنسان وتحقيق الرفاهية والرقي والتأقلم مع الأوضاع الجديدة سواء على المستوى الدولي أو المحلي، والمسار الأخر الأهم هو الفكر وإعادة انتاج ثقافة متجددة تستطيع إستيعاب جميع متغيرات العصر الحالية والمستقبلية، وأن تنمية العقل وتجديدة يلزمه بيئة ثقافية جدلية تتفاعل معه لتحكم منتجاته الفكرية والعقلية والثقافية لكي يتلائم مع حدود ومنطلقات الثقافة العامة ويقبل جميع الآراء ومناقشتها بعقل نقدي، هذا العقل يلزمه أدوات جديدة في التفكير وآليات حديثة في التغيير، فتجديد أدوات التفكير ينتج عنها أفكار وممارسات جديدة من شانها تطوير المجتمع و الإرتقاء به بأدوات وآليات قديمة؛ فالتحديات متجددة ومستمرة في التغيير.
في نهاية المقال من المهم أن يعمل الجميع على تغيير ثقافي في العادات والتقاليد والأفكار القديمة التي تنظر للعمل اليدوي والمهني على أنه عمل دوني لا يليق بالمواطن السعودي، لكن أصبح العمل اليدوي والمهني الآن يحقق دخلا ماديا أكثر من باقي الوظائف الإدارية كما أنه يحقق مشروعا مستمرا في النمو الأفقي والرأسي ويمكن توارثه عبر الأجيال وهذا يسمى الاقتصاد العائلي الذي أنشا كيانات إقتصادية ضخمة عابرة للقارات في أعلى مراحلها للتحكم في الاقتصاد العالمي.
هذا يعد من اكبر التحديات التي تواجه التنوع في التعليم والعمل وتحقيق لإكتفاء الذاتي والنوعي من العمالة الوطنية المدربة والمؤهلة للقضاء على البطالة في المجتمع.
الدكتور ممدوح عواد العنزي
وكالة الفروع – جامعة تبوك