29 جمادى الثانية 1439 الموافق 2018.03.17
منذ سنين وأنا أقرأ عن جهود المؤسسات التعليمية الساعية لتطوير مناهجها وموائمتها لتناسب سوق العمل، وقد تكون نجحت في مجالات عديدة، إلا أنها قصرت عن عدد آخر منها. مما أراه –بحكم التخصص- أن مناهج الحاسب وبرغم نهضتها الكبيرة مؤخراً ومواكبتها لبعض تطورات العمل في القطاع الخاص أو حتى في القطاع الحكومي، إلا أنها في جزء ما تبتعد، ومن ذلك عدم تخصيص مناهج/فصول للأنظمة المالية والإدارية ERP رغم أن كافة الجهات والمنظمات والشركات تستخدم تلك الأنظمة وتعتمدها كأداة إدارية تحكم توثيق ومراقبة العمل.
من يتعمق في تلك الأنظمة سيُدرك أنها تنمو تماماً كأي فرع تقني، وإن كان أساسها "شفرات برمجية Codes" إلا أنها تبقى بهوية تكاد تكون ثابتة في إطارها العام. فمنذ بدأت تلك الأنظمة مع شركة تويوتا في 1964م بمسمى (MRP Material Requirements Planning) وحتى وصولها لتركيبتها الحالية (ERP Enterprise Resource Planning) والنظام يتوسع في أنظمته الفرعية Modules. فإن كانت البداية تهتم بأنظمة إدارة التصنيع والإنتاج وأنظمة المبيعات والمستودعات، فأنها ما لبثت أن تطورت لتضم في بُنيتها الشؤون الإدارية HR والعمليات المالية Financial Operations وحتى وصلت لوقتنا الحاضر بشمولها لأنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM Customer Relation Management) وأكثر من الأنظمة المتداخلة.
ومن يعمل على تلك الأنظمة سيوقن بأنها تتطلب الكثير من المعارف العامة في أنظمة العمل الإداري والأنظمة المحاسبية، وحتى في الأنظمة الحكومية المرتبطة بتخصص الجهة. وهو مايستدعي –بظني- تدريس مناهج "الإدارة" و "المحاسبة" بشكل خاص لطلاب الحاسب الآلي، وهو ماتطبقه عدد من الجامعات السعودية. ويكفي للتدليل على أهمية الأنظمة المالية والإدارية أن أشير إلى أن كبرى شركات الحاسب الآلي العالمية لها منتجات تقنية خاصة بأنظمة الـ ERP وتتنافس فيما بينها على الإنتشار على مستوى القطاع الصناعي أو قطاع الأعمال والحكومي، بل أن تلك الشركات تعمل على تطوير أنظمة الـ ERP وتسويقها بشكل مستمر ومتزايد، وتُحفز العمل على أنظمتها من خلال توفير نسخ تجريبية لها، وتخصيص دورات لإدارتها، وإصدار شهادات تدعم السير الذاتية للباحثين عن العمل أو الساعين لتطوير أنفسهم برمجياً.
ولعل أحد دوافعي لكتابة هذا المقال تحديداً، هو ماوجدته من مسعى تقدم به الدكتور عبدالرحمن فكي – وكان قد بدأه منذ أعوام مع وكيل كلية الحاسبات في جامعة تبوكفي حينها الدكتور الفاضل زيد بصفر- وذلك تمثل بتخصيص محاضرة في كل فصل دراسي مستهدفاً طلاب القسم، ويعكف من خلال المحاضرة على شرح أنظمة الـ ERP في بيئة العمل الحقيقية ونماذج من الأنظمة الشائعة وواقعها اليوم. ولاأعلم إن كان مناسب تخصيص مقرر لشرح بُنية الأنظمة أو إضافته كوحدة دراسية في مواد البرمجة، أو حتى الإكتفاء بمحاضرات تعريفية. لكني أثق بأن خروج الطالب من مرحلته الدراسية (دبلوم أو بكالوريوس) دون إستيعاب مُركَبّ ال ERP هو قصور بيّن في مواكبة متطلبات سوق العمل التقني.
خالد بن عبدالله البلوي